أداة ذكاء اصطناعي تُسرّع من عملية معالجة آراء الجمهور في بريطانيا: خبراء يحذرون من المخاطر
كتبت: أمل علوي

تُستخدم أداة ذكاء اصطناعي جديدة في المملكة المتحدة لمعالجة كميات هائلة من آراء الجمهور حول السياسات الحكومية، وذلك بهدف فهم احتياجات المواطنين وتوجهاتهم بشكل أسرع وأكثر دقة.
قال وزير التكنولوجيا البريطاني، بيتر كايل: “لا ينبغي إضاعة الوقت في شيء يمكن للذكاء الاصطناعي القيام به بشكل أسرع وأفضل، ناهيك عن إضاعة ملايين الجنيهات من أموال دافعي الضرائب على الاستعانة بمصادر خارجية لمثل هذه الأعمال”.
وقد نجحت هذه الأداة، التي تُسمى “Consult”، في اختبارها الأول مع الحكومة الاسكتلندية، حيث تم تكليفها بفهم آراء الجمهور حول تنظيم الإجراءات التجميلية غير الجراحية، مثل حشوات الشفاه وإزالة الشعر بالليزر. وقد توصلت “Consult” إلى نتائج مُشابهة لتلك التي توصل إليها المسؤولون البشريون.
الآن، تُخطط الحكومة لتطبيق هذه التقنية في مختلف الإدارات الحكومية، حيث تُعتبر الطريقة التقليدية باهظة الثمن وبطيئة، إذ تُنفق ملايين الجنيهات على المُقاولين الخارجيين لتحليل آراء الجمهور.
تُعدّ “Consult” جزءاً من مبادرة أوسع لإنشاء حكومة بريطانية أكثر كفاءة واستجابة، قادرة على تنفيذ “خطة التغيير” دون إثقال كاهل دافعي الضرائب أو استغراق وقت طويل.
في اسكتلندا، حلّلت “Consult” ردود أكثر من 2000 شخص، واستخرجت المواضيع والاهتمامات الرئيسية من خلال استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي. ولكن، لم تُترك “Consult” للعمل بمفردها، بل قام خبراء في الحكومة الاسكتلندية بمراجعة وتعديل هذه المواضيع الأولية. ثم عادت الأداة لتصنيف الردود الفردية ضمن هذه الفئات. وهذا وفّر وقتاً ثميناً للمسؤولين للتركيز على مضمون الآراء وتأثيرها على السياسات.
نظراً لأن هذه كانت التجربة العملية الأولى لـ “Consult”، قامت الحكومة الاسكتلندية بمراجعة جميع الردود يدوياً للتأكد من دقة النتائج. فإن تحديد معنى التعليقات المكتوبة وتصنيفها ضمن مواضيع مُحددة قد يكون أمراً ذاتياً، حتى البشر لا يتفقون دائماً.
عندما قارنت الحكومة نتائج “Consult” بالنتائج البشرية، كانت الأداة صحيحة في معظم الأحيان. أما الاختلافات البسيطة، فلم تُغيّر الصورة العامة لما يهم الناس أكثر.
“Consult” جزء من مجموعة أدوات ذكاء اصطناعي أكبر تُسمى “Humphrey”، وهي مجموعة من المساعدين الرقميين المصممة لتخفيف العبء عن موظفي الخدمة المدنية وتقليل فواتير المُقاولين. وكل هذا جزء من رؤية أوسع لاستخدام التكنولوجيا لتحسين الخدمات العامة، والتي تهدف إلى تحقيق وفورات في الإنتاجية تبلغ 45 مليار جنيه إسترليني. الهدف هو حكومة أكثر رشاقة، أكثر قدرة على تنفيذ “خطة التغيير”.
وأضاف كايل: “بعد إظهار نتائج واعدة للغاية، سيساعدنا Humphrey في خفض تكاليف الحكم، ويُسهّل جمع ومراجعة شاملة لما يُخبرنا به الخبراء والجمهور بشأن مجموعة من القضايا الحيوية”.
“لقد اتخذت الحكومة الاسكتلندية خطوة أولى جريئة. سأستخدم Consult، ضمن Humphrey، في إدارتي، وسيستخدمها آخرون في Whitehall أيضاً، مما يُسرّع عملنا لتقديم خطة التغيير”.
في اسكتلندا، قالت وزيرة الصحة العامة، جيني مينتو: “كان استخدام الأداة مفيداً للغاية في مساعدة الحكومة الاسكتلندية على فهم ما أراد الناس سماعه بسرعة أكبر، ومجموعة آراء المُستجيبين”.
“لقد سمح استخدام هذه الأداة للحكومة الاسكتلندية بالانتقال بسرعة أكبر إلى التركيز على المسائل السياسية والغوص في تفاصيل الأدلة التي قُدّمت لنا، مع الحفاظ على ثقتنا بأننا قد استمعنا إلى الآراء القوية التي عبّر عنها المُستجيبون”.
ومع ذلك، لا يزال من المُبكر الحكم على نجاح “Consult”، فهي لا تزال في مرحلة التجربة. وسيتم إجراء المزيد من الاختبارات للتأكد من عملها بشكل صحيح قبل اتخاذ أي قرارات كبيرة بشأن نشرها الكامل. لكن إمكاناتها هائلة، فالحكومة تُجري حوالي 500 استشارة سنوياً. إذا وفّت “Consult” بوعدها، فإنها قد تُوفر على المسؤولين 75000 يوم من التحليل سنوياً.
وقد عبّر موظفو الخدمة المدنية الذين عملوا مع “Consult” عن دهشتهم الإيجابية، ووصفوها بأنها نقطة انطلاق مفيدة. كما أشاد آخرون بقدرتها على توفير الوقت، والتسريع من عملية التحليل. مما هو جدير بالذكر، أنهم شعروا أيضاً بأن “Consult” أضفت مستوى جديداً من الإنصاف، حيث تُزيل التحيزات وتُضمن الاتساق.
ومع ذلك، يحذر الخبراء من مخاطر استخدام الذكاء الاصطناعي في الحكومة، مثل التحيزات المحتملة والتلاعب بالأدوات. ويُطالبون بوضع ضمانات صارمة والاستثمار المستمر لضمان موثوقية وإنصاف أي أداة ذكاء اصطناعي تستخدمها الحكومة.
إذا تم استخدامها بشكل صحيح، مع مراعاة تحذيرات الخبراء، فإن أدوات الذكاء الاصطناعي مثل “Consult” لها القدرة على تحسين طريقة استماع الحكومات، وتعلّمها، واتخاذها للقرارات بناءً على آراء الجمهور. وتُخطط الحكومة البريطانية لتطبيق “Consult” في مختلف الإدارات بحلول نهاية عام 2025.
هذا المحتوى تم باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي.