لماذا يعلّم الآباء أطفالهم استخدام الذكاء الاصطناعي؟ استعداداً لمستقبل يعتمد على التكنولوجيا
كتب: محمد شاهين

مع التطور السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي، بدأ العديد من الآباء في تعليم أطفالهم كيفية التفاعل مع هذه الأدوات منذ سن مبكرة، استعداداً لمستقبل يُتوقع أن تكون فيه هذه التقنيات جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية والعملية. ومن بين هؤلاء الآباء، البروفيسور جولز وايت، أستاذ علوم الحاسوب في جامعة فاندربيلت، الذي يعلم ابنه البالغ من العمر 11 عاماً كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وفعّال.
بدأ وايت في تعريض ابنه جيمس لتقنيات الذكاء الاصطناعي منذ إطلاق “ChatGPT” في عام 2022. ومن خلال تجارب عملية، تعلم جيمس كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في إنشاء ألعاب باستخدام صور لألعابه، بالإضافة إلى تحليل المعلومات المقدمة من الذكاء الاصطناعي والتحقق من صحتها باستخدام مصادر موثوقة مثل كتاب غينيس للأرقام القياسية. اليوم، يستخدم جيمس الذكاء الاصطناعي في مهام متنوعة، من إعداد مواد الدراسة إلى حساب تكاليف المنتجات.
يقول وايت: “هدفي ليس تحويله إلى خبير في الذكاء الاصطناعي، بل إعطاؤه أساساً لاستخدام هذه الأدوات بشكل إبداعي لتعزيز التعلم والاستكشاف”. وايت ليس الوحيد في هذا المسعى، فعدد متزايد من الآباء يدركون أهمية تعليم أطفالهم كيفية التفاعل مع الذكاء الاصطناعي استعداداً لمستقبل يعتمد بشكل كبير على هذه التقنيات.
مخاوف وتحديات
على الرغم من الفوائد المحتملة، فإن انتشار الذكاء الاصطناعي يثير مخاوف لدى الآباء حول تأثيره على نمو أطفالهم. وفقاً لاستطلاع أجرته Ipsos في عام 2023، يعتقد حوالي ثلث الآباء أنه يجب حظر أدوات الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT في المدارس لتجنب الغش. كما أثارت منظمات مثل اليونيسف تساؤلات حول تأثير الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الواجبات المدرسية على تطور المهارات التحليلية والتفكير النقدي لدى الأطفال.
بالإضافة إلى ذلك، يواجه الآباء الأقل دراية بالتكنولوجيا صعوبة في مراقبة استخدام أطفالهم للذكاء الاصطناعي. وفقاً لاستطلاع أجراه الاتحاد الوطني للآباء في عام 2023، قال 16% فقط من الآباء إنهم يفهمون تماماً إمكانات الذكاء الاصطناعي.
تعليم مسؤول
على الرغم من أن شروط الخدمة لشركات مثل OpenAI وGoogle تحدد أن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون للأطفال الذين تبلغ أعمارهم 13 عاماً فأكثر، إلا أن بعض الآباء يختارون تعريض أطفالهم الصغار لهذه التقنيات بحذر. الهدف هو مساعدة الأطفال على رؤية الذكاء الاصطناعي كأداة غير كاملة يمكنها تعزيز القدرات البشرية بدلاً من تقييدها.
أولا هاندفورد، مستشارة في مجال الذكاء الاصطناعي، بدأت في تعليم أطفالها البالغين 9 و12 عاماً استخدام ChatGPT من خلال أنشطة أسبوعية تسمى “ليالي الجمعة الممتعة”. وتشمل هذه الأنشطة إعادة كتابة كلمات الأغاني من وجهة نظر حيوانات أو استخدام الذكاء الاصطناعي للبحث عن وصفات طعام. كما تناقش مع أطفالها المخاطر المحتملة مثل “التزييف العميق” (deepfakes) والعلاقات مع الرفاق الافتراضيين.
فوائد تتجاوز المهارات التقنية
بالإضافة إلى تعزيز المهارات التقنية، يرى بعض الآباء أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة لتعزيز التعاطف والثقة داخل العائلة. كونهال دالال، مدير قسم الذكاء الاصطناعي في إدارة التعليم بمقاطعة أورانج، يستخدم الذكاء الاصطناعي يومياً مع ابنه البالغ من العمر أربع سنوات لإنشاء الموسيقى والرسومات الشخصية التي تعكس ذكريات طفولته في الهند. كما يستخدم الذكاء الاصطناعي لتسهيل المحادثات الصعبة مع ابنه.
يقول دالال: “الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة تقنية، بل يمكن أن يكون جسراً للتواصل العاطفي والفكري مع أطفالنا”.
هذا المحتوى تم باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي