المستشار أحمد محفوظ يكتب: “الذكاء الاصطناعي”.. ثورة قانونية أم تهديد لمهنة المحاماة؟

في عالم يتسارع فيه الزمن، ويزداد فيه تعقيد القضايا القانونية يوماً بعد يوم، يصبح من الضروري للمحامين أن يبحثوا عن أدوات جديدة تعينهم في مواجهة تحديات العصر الحديث، هنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي، الذي يطل برأسه كأداة مبتكرة قد تعيد تشكيل ملامح مهنة المحاماة بما يتناسب مع المتغيرات المعاصرة.
الذكاء الاصطناعي ليس مجرد رفيق تكنولوجي، بل هو شريك حيوي قد يغير الطريقة التي نقرأ بها القوانين ونفسرها، فمع تطور الخوارزميات القادرة على تحليل كميات ضخمة من البيانات القانونية في لمح البصر، بات المحامون قادرين على توفير الوقت والجهد الذي كان يستغرقه البحث والتحليل التقليدي، وبدلاً من قضاء ساعات طويلة في قراءة ملفات مئات القضايا، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقوم بهذا الدور بدقة وسرعة مذهلة.
لكن هل يعني ذلك أن المحامي سيصبح مجرد جهاز مبرمج في عالم القانون؟ بالطبع لا، لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل مكان الفهم البشري العميق، ولا يمكنه أن يكون بديلاً للحكمة القانونية التي يكتسبها المحامي عبر سنوات من الخبرة، إذ أن الآلات مهما كانت ذكية، تظل عاجزة عن إدراك الفروق الدقيقة في الحالات البشرية والعواطف التي تشبعها.
ومع ذلك، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي في المحاماة يفتح آفاقًا جديدة، فبفضل قدراته على تحليل السوابق القانونية واستخلاص الأنماط من القضايا المماثلة، يمكن له أن يساعد المحامي في تقديم استشارات قانونية أكثر دقة، وفي اتخاذ قرارات أكثر استنارة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في أتمتة بعض الإجراءات الروتينية، مما يتيح للمحامي أن يركز على جوانب أخرى من القضية تتطلب إبداعًا فكريًا وإنسانيًا.
إن التكامل بين الذكاء الاصطناعي والممارسات القانونية لا يعني اختفاء الإنسان من المعادلة، بل هو دعوة للارتقاء بالمهنة إلى مستويات جديدة من الكفاءة والابتكار.
لذا، يبقى السؤال المطروح: هل سيظل المحامي فاعلاً في عالم يحكمه الذكاء الاصطناعي، أم أنه سيصبح مجرد تابع لآلات المستقبل؟
الذكاء الاصطناعي هو الوجه الجديد للثورة القانونية، لكنه لا يحل محل الإبداع البشري الذي يظل في صميم المهنة، هو أداة لتحسين الأداء، وتطوير المهارات، وجعل المحامي أكثر دقة وفعالية.