تقنيات جديدة

سرقة المعرفة: كيف تستغل شركات التكنولوجيا الكبرى أعمال الكُتّاب لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي؟

كتبت: أمل علوي

0:00

 

في ظل التطور السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي، تتعرض صناعة النشر لتهديد غير مسبوق من قبل شركات التكنولوجيا العملاقة مثل “أوبن إيه آي” (OpenAI) و”جوجل” (Google) و”ميتا” (Meta)، التي تقوم بتدريب نماذجها على أعمال أدبية وفكرية دون الحصول على موافقة المؤلفين أو تعويضهم. هذه الممارسات أثارت غضب المجتمع الأدبي الأسترالي والعالمي، حيث يُنظر إليها على أنها سرقة ممنهجة للمعرفة الإنسانية.

قضية “بلاك إنك” والنشر المستقل
“بلاك إنك” (Black Inc)، وهي دار نشر أسترالية مستقلة تُعنى بإصدار المقالات الفصلية والكتب الأدبية والعلمية، طلبت مؤخراً من كُتّابها الموافقة على استخدام أعمالهم لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، مع وعد بمشاركة الإيرادات الناتجة. ومع ذلك، فإن السرعة التي تم بها هذا الطلب وعدم الوضوح حول التفاصيل أثارت تساؤلات حول نوايا الناشر ومدى استفادة المؤلفين.

شهادة باحث ذكاء اصطناعي وكاتب
توبي والش، أستاذ الذكاء الاصطناعي في جامعة نيو ساوث ويلز في سيدني، والذي يعمل في هذا المجال منذ 40 عاماً، يشارك في هذه القضية بشكل شخصي. وهو مؤلف لأربعة كتب مع “بلاك إنك”، مع كتابين آخرين في الطريق. على الرغم من توقيعه على الاتفاقية مع الناشر، إلا أنه يعبر عن غضبه من استغلال شركات التكنولوجيا لأعماله دون إذن أو تعويض. ويشير إلى أن نماذج الذكاء الاصطناعي مثل “تشات جي بي تي” (ChatGPT) تم تدريبها على كتبه المحمية بحقوق الطبع والنشر، دون أن تدفع هذه الشركات مقابل ذلك.

“الاستخدام العادل” أم السرقة؟
تدعي شركات التكنولوجيا أن استخدامها لأعمال الكُتّاب يندرج تحت مبدأ “الاستخدام العادل”، لكن والش يرفض هذا التبرير، واصفاً إياه بأنه “أكبر سرقة في تاريخ البشرية”. ويوضح أن هذه الشركات تستفيد من أعمال المؤلفين لتحقيق أرباح طائلة، بينما لا يتلقى الكُتّاب أي تعويض. بل إن بعض هذه الشركات اعتمدت على نسخ غير قانونية من الكتب، مثل مجموعة “بوكس3” (books3)، التي تم تجميعها من قبل قراصنة روس.

مستقبل النشر في عصر الذكاء الاصطناعي
يشبّه والش الوضع الحالي بما حدث في صناعة الموسيقى مع ظهور “نايستر” (Napster) في أوائل الألفية، حيث كانت معظم المحتويات الموسيقية تُسرق. ومع الوقت، تم تطوير منصات مثل “سبوتيفاي” (Spotify) التي تعوض الفنانين، وإن كان ذلك بشكل غير كافٍ. ويؤكد أن صناعة النشر تحتاج إلى اتباع مسار مماثل، حيث يتم تعويض المؤلفين والناشرين بشكل عادل مقابل استخدام أعمالهم.

التحديات القانونية والسياسية
تتعرض حقوق المؤلفين لتهديد أكبر مع التغييرات المقترحة في قوانين حقوق النشر في بعض الدول، مثل المملكة المتحدة، التي تسمح لمطوري الذكاء الاصطناعي باستخدام أي مواد متاحة قانونياً دون موافقة مسبقة، ما لم يقم المؤلفون بالانسحاب بشكل استباقي. هذه التغييرات تضعف موقف الكُتّاب والناشرين المستقلين، الذين يعتمدون على عوائد أعمالهم للبقاء في السوق.

رؤية مستقبلية مقلقة
يتخيل والش مستقبلاً يتم فيه استيعاب كل المعرفة الإنسانية، من الكتب إلى العلوم والثقافة، في نماذج الذكاء الاصطناعي العملاقة. هذه النماذج، التي تمتلكها شركات تكنولوجية قليلة، قد تستخدم هذه المعرفة للتأثير على قراراتنا وسلوكياتنا بطرق لا نستطيع فهمها. ويحذر من أن هذه السرقة الرقمية تحدث في وضح النهار، دون أي مقاومة تذكر.

في عصر الذكاء الاصطناعي، أصبحت حماية حقوق المؤلفين والناشرين أكثر أهمية من أي وقت مضى. يجب أن تعمل الحكومات والمجتمعات الأدبية على وضع قوانين وسياسات تضمن تعويضاً عادلاً للكُتّاب، مع الحفاظ على استقلالية النشر وحماية الإبداع الإنساني من الاستغلال التجاري.

هذا المحتوى تم باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

Main Heading Goes Here
Sub Heading Goes Here

No, thank you. I do not want.
100% secure your website.
Main Heading Goes Here
Sub Heading Goes Here

No, thank you. I do not want.
100% secure your website.
Powered by