
في سباق المدن العالمية نحو التحول الرقمي، تبرز دبي كنموذج فريد يعتمد على السرعة في التنفيذ والكفاءة التشغيلية بدلاً من حجم الإنفاق، وفقاً لرؤية جديدة كشفها مسؤول حكومي رفيع.
نموذج دبي المختلف: الأخلاقيات أولاً
عندما أطلقت دبي “تقرير حالة الذكاء الاصطناعي” في أبريل 2025، والذي كشف عن أكثر من 100 حالة استخدام عالية التأثير للذكاء الاصطناعي، لم تكن الإمارة تستعرض فقط براعتها التكنولوجية، بل كانت تضع رهاناً استراتيجياً على أن السرعة وليس الإنفاق هي التي ستحدد الفائزين في السباق العالمي للحوكمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
وفي مقابلة حصرية، كشف مطر الحميري، الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي الرقمية الحكومية، كيف يختلف نهج دبي في كفاءة الذكاء الاصطناعي الحكومي جوهرياً عن منافسيها الإقليميين ومراكز التكنولوجيا الآسيوية الراسخة.
مساعد دبي الافتراضي: 180 خدمة في منصة واحدة
بينما أعلنت أبوظبي عن استثمار بقيمة 4.8 مليار دولار لتصبح أول حكومة مدعومة بالكامل بالذكاء الاصطناعي بحلول عام 2027، سلكت دبي مساراً مختلفاً.
وأوضح الحميري: “يركز استثمار أبوظبي على بناء بنية تحتية حكومية شاملة تعمل بالذكاء الاصطناعي، بينما نموذج دبي يقوم على تضمين أخلاقيات الذكاء الاصطناعي والتشغيل البيني والقابلية للشرح في إطار حوكمة قابل للتطوير”.
والنتائج واضحة بالفعل، حيث يقدم المساعد الافتراضي “دبي AI” الآن معلومات عن أكثر من 180 خدمة حكومية عامة، وهو ما يمثل أحد أكثر عمليات نشر مساعدات الذكاء الاصطناعي الحكومية شمولاً على مستوى العالم. ويتيح النظام معالجة 60٪ من الاستفسارات الحكومية الروتينية مع خفض التكاليف التشغيلية بنسبة 35٪.
السرعة كاستراتيجية: من التجريب إلى النشر في أشهر
ما يميز دبي في كفاءة الذكاء الاصطناعي الحكومي ليس فقط ما تبنيه، ولكن السرعة التي تنفذ بها. وأكد الحميري: “في دبي، بمجرد الإعلان عن مبادرة الذكاء الاصطناعي، يتم تفعيلها بسرعة، حيث تنتقل من التجريب إلى النشر في غضون أشهر، أسرع بكثير من المعيار العالمي”.
وتدعم الأرقام هذا الادعاء، ففي عام 2025، اعتمدت أكثر من 96٪ من الكيانات الحكومية حل ذكاء اصطناعي واحد على الأقل، وفضل 60٪ من المستخدمين الخدمات المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
ما وراء المساعدات الافتراضية: تطبيقات متقدمة في الصحة والطاقة
بينما يحظى “دبي AI” باهتمام إعلامي واسع، أشار الحميري إلى تطبيقات أقل شهرة تُحدث تأثيراً ملموساً. فأنظمة الذكاء الاصطناعي تكتشف الآن الأمراض المزمنة مثل السكري في مراحل مبكرة، بينما تحسن الخوارزميات التنبؤية أنظمة التدقيق داخل هيئة الصحة بدبي.
وفي البنية التحتية للطاقة، تعمل الشبكات الذكية المدعومة بأدوات التنبؤ بالذكاء الاصطناعي في الوقت الفعلي على تحسين الاستهلاك وتقليل التأثير البيئي.
السيادة البيانات: نموذج هجين فريد
تقدم دبي نهجاً وسيطاً في حوكمة البيانات بين المتطلبات الصارمة للصين وإطار عمل اللائحة العامة لحماية البيانات في الاتحاد الأوروبي.
وأوضح الحميري: “يقدم نموذج دبي هجيناً – تبقى بيانات المواطنين المجهولة ضمن ولاية دبي بموجب قوانين سيادة قوية، ولكن يمكن مشاركتها بأمان عبر الكيانات بموافقة المستخدم للخدمات الحكومية”.
ويعد احتضان دبي لأطر البيانات الاصطناعية ميزة رئيسية، مما يمكنها من تطوير واختبار أنظمة الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع مع الحفاظ على الخصوصية والامتثال لمتطلبات سيادة البيانات.
تحويل الاهتمام العالمي إلى عوائد اقتصادية ملموسة
جذب “أسبوع الذكاء الاصطناعي في دبي 2025” مشاركين من 100 دولة وشراكات مع “ميتا” و”جوجل” و”مايكروسوفت” و”أوبن أيه آي”. لكن الحميري أكد أن الإمارة تركز على تحويل هذا الاهتمام إلى نتائج ملموسة.
وتغذي هذه الشراكات مباشرة أجندة دبي الاقتصادية D33، التي تهدف إلى تحقيق 100 مليار درهم إماراتي سنوياً من الابتكار الرقمي. ويتوقع تقرير حالة الذكاء الاصطناعي أن يساهم الذكاء الاصطناعي بأكثر من 235 مليار درهم في اقتصاد دبي بحلول عام 2030.
اختبار الخمس سنوات
عند سؤاله عما سيشكل فشلاً بعد خمس سنوات من الآن، أجاب الحميري بأن ذلك “سيعني اعتماداً متجزئاً للذكاء الاصطناعي دون تحسين ثقة المواطنين أو الكفاءة أو جودة الحياة”.
أما النجاح، في المقابل، سيكون “عندما تكون الخدمات العامة المدعومة بالذكاء الاصطناعي سلسة واستباقية وشاملة، وتسهل حياة المواطنين والمقيمين، وتصبح بشكل طبيعي نموذجاً يتم تكراره من قبل الحكومات الأخرى في جميع أنحاء العالم”.
هذا المحتوى تم باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي.







