
في ظل الانتشار المتسارع لتقنيات الذكاء الاصطناعي، باتت هذه الأدوات جزءًا من الحياة اليومية، خصوصًا لدى فئة المراهقين الذين أصبحوا يتفاعلون معها بشكل متزايد. وأظهرت بيانات حديثة من شركة “أورا” أن واحدًا من كل خمسة أطفال يستخدم تطبيقات الذكاء الاصطناعي بشكل نشط، فيما تصل نسبة الاستخدام بين المراهقين إلى مستويات أعلى، ما يثير قلقًا متزايدًا بين الخبراء وأولياء الأمور.
ورغم أن هذه التقنيات تفتح آفاقًا جديدة في الإبداع والتعلّم والتسلية، إلا أنها تحمل في طيّاتها تحديات حقيقية تتعلق بالأمان الرقمي، والأخلاقيات، واحتمالات الاستغلال، خاصة في غياب رقابة واعية أو توجيه مناسب من الأهل.
ما هو الذكاء الاصطناعي التوليدي؟
الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI) هو نوع متقدم من الذكاء الاصطناعي يُنشئ محتوى جديدًا مثل النصوص، الصور، الموسيقى، ومقاطع الفيديو، استنادًا إلى البيانات التي تعلم منها مسبقًا.
وعلى عكس الذكاء الاصطناعي التقليدي الذي يكتفي بتحليل البيانات، فإن الذكاء التوليدي “يُبدع”، ما يجعله قويًا ومؤثرًا، لكنه في الوقت نفسه قد يُستخدم لإنتاج محتوى ضار أو مضلل.
من أبرز أدوات هذا النوع:
روبوتات الدردشة التفاعلية.
أدوات التزييف العميق (Deepfake).
تطبيقات تعديل الصور والفيديو.
منصات إنتاج الموسيقى والسرد القصصي.
كيف يتفاعل المراهقون مع هذه الأدوات؟
وفق دراسة أجرتها مؤسسة “كومن سينس ميديا” على أكثر من ألف مراهق، فإن 70% منهم جربوا أدوات الذكاء الاصطناعي، في حين لم يكن سوى 37% من أولياء الأمور على دراية بذلك.
وتتعدد استخدامات الذكاء الاصطناعي لدى المراهقين، منها:
المساعدة في الواجبات المدرسية.
الحصول على إجابات سريعة أو شروحات.
التسلية والتفاعل مع روبوتات الدردشة كـ”أصدقاء رقميين”.
التزييف الرقمي للصور والأصوات.
الدخول في محادثات غير لائقة أو محتوى جنسي.
استخدام الذكاء الاصطناعي في التنمر أو السخرية من الآخرين.
تصنيف أدوات الذكاء الاصطناعي بحسب الخطورة
قامت شركة “أورا” بتصنيف أدوات الذكاء الاصطناعي إلى ثلاث فئات لمساعدة الأهالي على تقييم المخاطر:
أدوات عالية الخطورة: مثل روبوتات المحادثة الجنسية أو أدوات التزييف العاطفي، التي قد تؤدي إلى الإدمان أو تعرض الطفل للاستغلال النفسي.
أدوات متوسطة الخطورة: مثل تطبيقات مساعدة الدراسة، التي يمكن استخدامها للغش أو تسريب بيانات شخصية دون وعي.
أدوات منخفضة الخطورة: كبرامج الفنون والموسيقى، وهي آمنة نسبيًا إذا تم استخدامها بإشراف ووعي.
نصائح للأهالي: التوعية قبل الرقابة
يشدد الخبراء على أهمية الوعي الأسري والتواصل مع الأبناء بدلاً من الرقابة الصارمة فقط. وفيما يلي مجموعة من التوصيات:
1. افتحوا حوارات صريحة: تحدثوا مع أبنائكم عن استخدامهم لهذه الأدوات، واستمعوا لتجاربهم دون أحكام مسبقة.
2. شجّعوا التفكير النقدي: علّموا أبناءكم أن ما يُنتَج بالذكاء الاصطناعي ليس دائمًا صحيحًا أو موثوقًا.
3. اشرحوا آلية عمل الذكاء الاصطناعي: فهم الخوارزميات يُساعد الأطفال على التفاعل الواعي مع هذه التقنيات.
4. ضعوا حدودًا رقمية ذكية: لا تمنعوا، بل نظّموا استخدام التطبيقات والأدوات، وراقبوا التفاعل من بعيد.
5. شاركوا في التجربة: جرّبوا الأدوات سويًا، فالتجربة المشتركة تفتح أبواب الحوار وتبني الثقة.
في النهاية، الذكاء الاصطناعي ليس عدوًا ولا صديقًا بحد ذاته، بل أداة قوية تعتمد على كيفية استخدامها. ومتى ما تم توجيهها بشكل إيجابي، يمكن أن تكون فرصة تعليمية وتطويرية مذهلة، ولكن دون ذلك، قد تتحول إلى تهديد خفي يستهدف فئة عمرية بحاجة للحماية والدعم.
هذا المحتوى تم باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي